بتاريخ 8/8/2018 اتجهت صحيفة العدالة لمصلحة التسجيل العقاري محملين بعديد من الأسئلة لهذا الصرح المهم والمفصلي في الدولة الليبية والذي مر بمراحل عديدة حتى كان استقلال ليبيا 1951 والذي رافقه أصدار قانون السجل العقاري والتوثيق 28/9/1965 وظل معمول به حتى التغيير السياسي في 1969 والذي أحدث آنذاك تغيير كبير في الملكية العقارية مازلنا نعان نتائجه السلبية حتى الآن ، وقوبلنا بكل ترحاب وسعة صدر واستقطع السيد رئيس مصلحة التسجيل العقاري د. الهادي علي الطبيب من وقته الثمين وتفضل مشكوراً بالإجابة عن أسئلتنا بكل وضوح وشفافية … كان من المزمع أن ينشر هذا اللقاء في حينه ولكن ونظراً للظروف التي تمر بها الصحيفة كباقي قطاعات الدولة تم تأجيل نشره فتأجيلنا كان قسراً لا تقصيراً ، نلتمس منكم العذر ونأمل العذر والسماح ونأمل ألا يتكرر ذلك مستقبلاً ، والأفضل هو مانسعى إليه ويسعى إليه كل حريص على النهوض بهذا البلد .
الدكتور علي الهادي الطيب رئيس لجنة أدارة مصلحة التسجيل العقاري
من المعروف أن السجل العقاري عصب من أعصاب الدولة الحيوية ، ويُعتمد عليه في الكثير من الأمور فيما يتعلق بالعقارات وأملاك الدولة ، كيف تقدم لنا المؤسسة ، وماهي فاعلية الفروع التابعة لها في ربوع ليبيا ؟
التسجيل العقاري يعتبر أحد الحلقات المفصلية في الاقتصاد الوطني ، وأحد أكبر الموارد في الرسوم التي تفرض على العقارات ، وهو يحرك عجلة الاقتصاد في أية دولة وهذا معلوم في العالم أجمع.
السجيل العقاري هو توثيق وتحقيق ونقد الملكية العقارية أو الحقوق العينية العقارية ، وبه يتم إثبات للملكيات لضمان الحقوق .
أما عن الهيكلية للتسجيل العقاري فإنه يتكون من رئاسة مصلحة ( ديوان المصلحة ) وإدارات عامة ، ومكاتب عامة ، ومن ثم تأتي فروع المناطق مقسمة إلى ثمانية فروع ، كل فرع يقع في دائرة محكمة استئناف ، فأينما توجد محكمة استئناف يوجد فرع للمصلحة ، والفرع مهمته الإشراف على الإدارات الخدمية أي أن عمله إداري بحت ، وكل فرع تتبعه مجموعة من الإدارات الخدمية أو مكتباً أقل درجة من ناحية الرقعة السكانية وكثافتها ، تبلغ عدد الإدارات (84 ) إدارة موزعة على مستوى البلاد كل فرع يحتوي ( 10 ) إدارات وأحياناً ( 12 ) إدارة وأحيانا ( 7 ) وهكذا حسب حجم المنطقة ، الإدارة الخدمية هي التي تقوم بالتعامل مع الجمهور وهي التي يتولى مهندسوها وموظفوها إجراءات التسجيل وإجراءات تحقيق الملكية ونقل الملكية وإجراءات التوثيق وكل الأعمال العقارية التي أسندها القانون للمصلحة في الإدارة.
العمل في السابق كان انسيابياً وطبيعياً وفق القوانين واللوائح التي كانت سائدة في السابق ، النظام الاشتراكي هو ماكان معمولاً به والقانون رقم (11 ) وقانون رقم ( 12 ) نظما عمل التسجيل العقاري وحدد الملكيات في السابق كما أن القانون رقم ( 4 ) الذي حدد الملكيات والذي بموجبه وضعت الدولة يدها على العقارات التي (اعتبرها هذا القانون زائدة عن الحاجة ) خلق إشكاليات كبيرة .
في 2008 حاول النظام السابق أن يصلح مايمكن إصلاحه من تجاوزات لهذه (المنظومة الاشتراكية) وقانون رقم ( 4 ) ، 2010 شرع القانون رقم ( 17 ) لسنة 2010 وبدأت المصلحة العمل به ، إلا أن ظروف ثورة ( 17 ) فبراير حالت دون استكمال العمل به ، ونحن حالياً بصدد الشروع في بعض الأعمال الجزئية لحل بعض المشاكل العالقة في العمل .
أثرت في حديثك أنه من ضمن القوانين التي كان معمولاً بها في السابق قانون رقم ( 4 ) ما آخر اجتماعات بشأن لجنة التعويضات الخاصة بقانون رقم ( 4 ) وآخر مستجداتها ؟
القانون رقم ( 4 ) كما يعلم الجميع آلت بموجبه كل العقارات الزائدة (التي اعتبرها النظام السابق زائدة عن الحاجة) آلت للدولة وحصرت الملكيات في عقار واحد قطعة أرض واحدة … الخ وبقية الأملاك التي تقدر مابين 70 إلى 80 ألف عقار كلها مسجلة باسم الدولة الليبية ، أي أنها آلت للدولة الليبية قرار أيلولة وبموجب القانون رقم ( 4 ) وفي سنة 2006 صدر القرار ( 108 ) شكلت بموجبه لجان التعويضات وهي تتعلق بالتعويض عن القرار السابق ذكره ، وبرئاسة مستشار لكل لجنة شكلت لجان فرعية في المناطق وباشرت أعمالها بنشر إعلانات ، وتقدم الأشخاص المتضررون للدولة بالمستندات المطلوبة وقدرت التعويضات المناسبة حسب المعايير التي وضعتها هذه اللجان ووفق اللوائح والقرارات المعمول بها في تلك الفترة ، وصُرفت التعويضات ليستمر عمل هذه اللجان حتى سنة 2011 توقف العمل ، هناك من استلم تعويضاً وهناك من لايزال ينتظر تعويضاته بالرغم من اعتماد القرارات الصادرة من اللجان التي اعتمدت من اللجنة العليا برئاسة وزارة العدل وعضوية السجل العقاري وجهات أخرى، وبناء على طلب متضررين كانوا متواجدين خارج البلاد وأتيح لهم الرجوع بعد 2011 تم فتح باب قبول الطلبات بلجان التعويضات لمدة 6 أشهر، تم البت في العديد من هذه الطلبات والقرارات الا إنها تحتاج إلي تسييل أموال والدولة لم تسيل أية أموال منذ سنة 2013 و2014، والمبالغ التي تم صرفها في الفترات السابقة هي بواقٍ من قبل الثورة واللجان أصبحت شبه مجمدة.
تجتمع اللجنة العليا بمعدل مرة كل شهر، تعتمد المحاضر المحالة إليها من اللجان الفرعية في انتظار تسييل المبالغ المستحقة.
في 2011 أصدر المجلس الانتقالي قرار (102)ألا وهو إيقاف عمل المصلحة على أن يكون العمل إدارياً؟ هل مازال هذا القرار مستمراً ؟ وما هي الخطة لتفعيل العمل؟
الشكر جزيل لكم حول هذا السؤال وهو سؤال مهم فعلاً،صراحة القرار الذي اتخذه المجلس الانتقالي كان بناءً على اقتراح من الناس الخيرة بهذه المصلحة نتيجة للإحداث والانفلات الأمني وخوفاً من الاعتداء على السجلات والإدارات والعبث بها واحتراقها أو حدوث تزوير أُعدت مذكرة وتواصلوا مع المجلس الانتقالي الرئيسه آنذاك، تمت الاستجابة لهم وصدر القرار بتعليق العمل وحصره في الأعمال إدارية إما تحقيق ملكية أو نقلها أو توثيق لا يزال كله معلقاً المصلحة لم تقف مكتوفة الأيدي، نظرا لأن حركة تداول العقارات لم تتوقف فهناك يوميا أعمال شراء وبيع للعقارات بمختلف أنواعها والجمهور يحتاج للمعلومات من التسجيل العقاري.
في 2012 فتحت إدارتنا أبوابها وكاجتهاد منا كمصلحة تسجيل عقاري وحتى لا نعرقل ونربك سير العمل المتسلسل والمعتمد علينا في جانب العقارات نقوم بمنح شهادات إدارية لوضعية العقارات الموجودة وهذه الإفادات تمنح بعشرات الآلاف سنويا ولا يوجد بها أي إشكالية.
حول آخر المستجدات حول التعاون الليبي التركي بخصوص استجلاب الإرشيف الليبي خلال العهد العثماني إلى جانب جزئية أخرى إنه في فترة من الفترات قام بعض المواطنين باستغلال فرصة الانفلات وقاموا بإحضار وثائق غير أصلية (مزوره) كيف تم التعامل معها كجهاز سجل عقاري؟ وكيف تم التأكد من صحة الوثائق والأوراق المقدمة فيما يخص بعض العقارات والأملاك؟
ج/الدولة العثمانية وخلال تواجدها في ليبيا أقامت أرشيفاً ضخماً خلال تلك الفترة يخص ليبيا طالبنا باستجلاب الأرشيف الليبي خلال العهد العثماني من تركيا لمصلحتين.
لذلك فنحن دائماً في مناسبات مختلفة نحث السلطات المختصة والخارجية ومجلس الوزراء حتى يتواصلوا مع السلطات التركية بشان هذا الموضوع أما عن المصلحتين التي ذكرت في استجلاب الإرشيف من تركيا الأولى إنه تراث وتاريخ ليبيا لابد أن تحتفظ به نحن أهل البلاد الشأن من أجل الاستفادة منه في التأكد ومقارنته بالوثائق التي جلبها بعض الأشخاص بشكل شخصي من تركيا، طبعا هؤلاء لا يقومون بتقديمها للسجل العقاري لأننا لا نعتد بها ولكن أحيانا تقدم للمحاكم في دعاوى إثبات ملكية باعتبارها حجة أحيانا تقتنع بها المحكمة وتصدر حكمها بناءً على ما جاء في الوثيقة.
التسجيل العقاري جهاز فني ولإثبات صحة هذه الوثائق من عدمه لا يكون الا بوجود هذا الأرشيف ومقارنة هذه الوثائق بالإرشيف.
تم الاطلاع على نماذج من هذا الإرشيف الموجود بتركيا وهو مكتوب بالرموز والشفرات باللغة العثمانية (التركية) وهي غير مفهومة بالنسبة لنا لذلك طالبنا بترجمتها من اللغة العثمانية إلى اللغة العربية أو الانجليزية حتى يتم التعامل معها.
أما مساوئ استجلاب هذا الإرشيف فقد يحرك بعض الخلافات القبلية نحن في غنى عنها كانت راكدة في السابق حول الحدود القبائلية وقد تحركت بعد 2011م ونأمل إذا تم استجلاب هذا الأرشيف أن يساعدنا في معرفة الحقيقة لإحقاق الحق.
جهودنا ما زالت حثيثة وتفاوضنا نتج عنه مخاطبة الخارجية حتى تتولى مع السلطات التركية للبدء في استجلاب هذا الإرشيف.
بالنسبة لجهاز المصلحة هل هناك تعاون بينها وبين دول عانت من نفس المشاكل والتي نواجهها حالياً بعد ثورة 17 فبراير؟
النظام الساند في السابق نظام اشتراكي على غرار نظام المنظومة الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي (سابقا) تخلى السوفييت عن هذا النظام واتجهوا للاقتصاد الحر،ونحن مازلنا نعاني ونتخبط من مشاكله فالمتضررون الكثير منهم لم يعوضوا ومصلحة أملاك الدولة مازالت تحلم بإقامة إمبراطورية تهيمن فيها على المزيد وللأسف مازالت هذه العقليات موجودة، فالبرغم من وجود وزارة الدفاع ووزارة الداخلية ووزارة العدل وغيرها من الوزارات السيادية فلازالت هناك أفكار معششة (كيف تسيطر؟ كيف تتحكم؟ وكيف تمتلك؟) ومثل هذه الأفكار سببت فشلا في الدولة، الدول الاشتراكية تخلت عن هذا، وقامت بتعميم الخصخصة وحلت مشاكلها بالتعويض وغيره، حاولنا التواصل مع هذه الدول للاستفادة من تجربتها ،كان هناك هيئة تشجيع الاستثمار في 2014 وتم بعث وفود لعديد من هذه الدول كان من ضمنها عضو من مصلحة التسجيل العقاري اتجه لصربيا واطلع على تجربتهم وهناك وفد سيتجه لأوكرانيا خلال الفترة القادمة شاركنا في مؤتمرات دولية، وهناك منظمة تهتم بالعقار مقرها ( أسبانيا ) تقوم هذه المنظمة كل سنتين بينتظم مؤتمر في كل مؤتمر تتناول جانب من الجوانب التي تهتم بها خصوصا فيما يخص التحول النظام إلى آخر وما يعترض هذا التحول من مشاكل وصعوبات ومازلنا مستمرين في حضور مثل هذه المؤتمرات، نظمنا مؤتمرين الأول والثاني في طرابلس تضمن المؤتمرات مشاركات دولية ونعمل على التوصيات المنبثقة عن المؤتمر الأول والثاني ونعمل خطوة بخطوة وفق التوصيات ونقوم بتنفيذها أولاً بأول.
هناك دراسة أعدت من طرف جامعة بنغازي وجامعة الليدن بهولندا حول الملكية العقارية،ماهي أبعادها وأهدافها وهل يمكن الاستفادة منها على أرض الواقع؟
الغرض من هذه الدراسة هو دراست الإشكاليات المترتبة على قانون رقم 4 كما ذكرنا إنه في 2006 صدر قرار بتشكيل لجان لتعويض المتضررين من هذا القانون وقد عملت شكل ممتاز في البداية كان من تم تعويضهم راضيين بقيمة التعويض المقدرة قبل2011م،ودون أي اعتراض ليس لشئ الا لكونهم كانوا يائسون من أن تسترجع لممتلكاتهم أو أن يعوضوا عنها، لأنها أصبحت ملك الدولة في تلك الفترة، بعد 2011 هناك من استرجع عقاره بالقوة وهناك من هم غير راضين بقيمة التعويض السابق ويطالب بالتعويض مرة أخرى وتم اللجوء للمحاكم ورفع الدعاوى وأصبحت الإشكاليات كبيرة بالإضافة إلى إن قانون العدالة الانتقالية الذي من المفترض أن يفعل في مثل حالة بلادنا لتعويض من يستحق التعويض ومعاقبة المخطئ ولكنه لم يفعل وتمت بعض الاعتداءات على أملاك الدولة وتقسيمها والاعتداء على أملاك تحت الحراسة تخص أشخاصاً محسوبين على النظام السابق وأصبح السلاح هو الفيصل في كثيرٍ من الأمور في ظل الانفلات الأمني.
هل هناك برامج تدريبية للرفع من كفاءة المواظفين داخل هذه المؤسسة وفروعها؟
الموظف التابع للسجل والعامل بأحد مكاتبه أو فروعه لابد ان يكون على دراية تامة بالعمل العقاري سواء العمل قانوني أو العمل هندسي فالعمل القانوني عمل دقيق جدا جدا وصعب، وأي خلل أو خطأ يترتب عليه البطلان وربما تضيع حقوق عمل التسجيل العقاري يمر بسلسلة طويلة بداية من تقديم الطلب والتسجيل في سجلات تقارب (10) سجلات منها سجل الضبط الزمني وهو المرجعية هناك سجل أملاك الدولة …الخ فلكل سجل مسمى وتصنيف خاص لابد للموظف أن يعلم أين يضع ويسجل الوثيقة أو الطلب المقدم إليه لذلك فالعمل داخل السجل العقاري دقيق ويحتاج للمهنية والرفع من كفاءة الموظفين.
فكانت ومازالت لدينا عديد البرامج التدريبية خلال 2013-2014م تم إيفاد (200) موظف للخارج (تونس،المغرب،تركيا،الأردن)،في مجال العمل المساحي والتدريب على الأجهزة المساحية الحديثة وGPS عبر الأقمار الصناعية في تقنية المعلومات وفي الجوانب العقارية والقانونية وفي الداخل مستمرون في كل الفروع ومن خلال إدارة التدريب التي قمنا باستحداثها في إقامة دورات تدريبية محلية.
رغبنا في تأسيس معهد للعلوم العقارية أسوة بالدول الأخرى يتم فيه تدريب موظفي السجل العقاري، ومحرري العقود وكل من له علاقة بالعمل العقاري للأسف لم ننجح.
كما لدينا برامج تدريبية في المنطقة كامل فروع المصلحة في ليبيا، والحمدلله المصلحة مازالت وحدة واحدة لم تنقسم.
وأخيراً نأمل أن يتم التفعيل الجزئي بشكل فعلي فالزخم الكبير من القانونين ومن المحامين والقضاة يؤيدون ذلك وكل ما نتج وصدر من توصيات وقرارات خلال المؤتمرات الخارجية والداخلية وورش العمل نأمل أن تصبح قيد التفعيل.
والشكر موصول لصحيفة العدالة والعاملين عليها ووزارة العدل والتي دائما عودتنا بالاهتمام وتذليل الصعوبات وإحقاق الحق،ونتمنى أن يعود برنامج منبر العدالة إلى مساحة من جديد..
ودمتم سالمين